الصحفي أشرف محمد يكتب: الشيخ مبروك عطية من الفتوى إلى الفن.. طريقة البحث عن التريند

في مشهد لم يكن متوقعًا، يظهر الدكتور مبروك عطية، الأستاذ الجامعي والداعية الأزهري المعروف، في قالب إعلامي جديد، بعيدًا عن ساحات الفتوى والتوجيه الديني، ليقتحم عالم البرامج الترفيهية والفنية، مستضيفًا شخصيات من الوسط الفني، في تحول لافت أثار الكثير من الجدل حول الرسالة التي يقدمها الرجل اليوم.

الفتوى أولًا.. فأين ذهب شيخ الأزهر؟

لا شك أن الشيخ مبروك عطية قد حقق شهرة واسعة بفضل أسلوبه الساخر والمباشر في الرد على أسئلة الجمهور الدينية والاجتماعية، حتى أصبح اسمه علامة في عالم الإفتاء، وصوته مألوفًا في كل بيت عربي ومسلم. لكن، وبعد سنوات من اعتلاء منابر الفتوى، وجد الجمهور الشيخ في موقع مختلف تمامًا، مقدمًا لبرنامج حواري يستضيف فيه فنانين ومشاهير، ليطرح عليهم أسئلة بعيدة كل البعد عن الفقه والتفسير، مما جعل البعض يتساءل: هل انتهى دور الفقيه وبدأ دور الإعلامي الباحث عن التريند؟

الخطاب الديني.. بين الجدية والاستعراض

لطالما كانت هناك حدود واضحة بين دور رجل الدين ودور الإعلامي، فالأول يحمل على عاتقه مسؤولية تثقيف الأمة دينيًا وتعزيز وعيها الروحي، بينما الثاني يسعى – في أغلب الأحيان – إلى إثارة الجدل وجذب المشاهدين. لذا، فإن ظهور الشيخ مبروك عطية كمحاور لفنانين ومطربين – بعضهم متهم بإفساد الذوق العام – يثير تساؤلات مشروعة حول مغزى هذا التحول وأبعاده.



من حق أي شخص أن يغير مساره المهني، ولكن حين يكون التغيير جذريًا إلى درجة التناقض مع تاريخ الشخص وقيمه التي نادى بها لسنوات، فمن الطبيعي أن يثير ذلك صدمة لدى جمهوره. فهل الهدف من هذا التحول هو كسر القيود التقليدية للخطاب الديني أم أن المسألة لا تعدو كونها مجرد محاولة للحفاظ على الشعبية في زمن تتحكم فيه مقاييس "التريند"؟

هل تتدخل مؤسسة الأزهر؟

يظل السؤال الأهم: ما موقف الأزهر الشريف من هذا التحول؟ فالدكتور مبروك عطية ليس مجرد داعية مستقل، بل هو أستاذ جامعي في واحدة من أعرق المؤسسات الإسلامية في العالم. وبحسب اللوائح الجامعية، فإن أي عضو هيئة تدريس يمارس عملاً خارج نطاق المؤسسة التعليمية دون إذن رسمي يخضع للمساءلة. فهل يرى الأزهر أن ظهور أحد رموزه بهذه الصورة يتماشى مع دوره التعليمي والدعوي؟

الشيخ بين جمهوره وأمانة الكلمة

لا أحد ينكر أن الشيخ مبروك عطية يتمتع بشعبية واسعة، لكن هذه الشعبية لم تأتِ من فراغ، بل بُنيت على ثقة الناس بعلمه ورصانته، فهل يمكن لهذه الثقة أن تستمر في ظل التغيرات الأخيرة؟


ربما يكون الجواب في يد الشيخ نفسه، فهو الأقدر على تحديد موقعه الحقيقي، إما كداعية يحمل مشعل العلم والنصح، أو كمقدم برامج يسعى وراء الترفيه وجذب المشاهدين. وفي زمن كثرت فيه التحديات، قد يكون من الأنسب أن يعود الشيخ إلى مجاله الأصيل، حيث تحتاج الأمة إلى أصوات صادقة ترشدها في خضم الفتن والتغيرات العاصفة.


في النهاية، يبقى الأمل أن يتذكر الشيخ مبروك عطية دوره الحقيقي، وأن يدرك أن قيمته ليست في عدد المشاهدات، بل في عمق التأثير الذي يتركه في عقول وقلوب الناس.


ليست هناك تعليقات